a

اخلع ثوبك !

ضع إعلان أدسنس هنا يوصى بـ 368×280

قال أبو إسرائيل :

لا زلت أذكر موقف أبي عبد الرحمن العراقي وهيئة جلسته وهو يشدّ خيط حذائه

وقد الْتَفَتَ إلى بعض إخوانه مبتسماً ابتسامة الواثق وهو يقول :

أنا ألبس حذائي وأشدّه ، وأنتم سوف تخلعونه إن شاء الله


وكان ذلك في جلال أباد

وأحسب أنه صدق الله فصَدَقَه الله

ووفّى لله فوفّاه الله وآواه – أحسبه كذلك – انتهى .

فهل تذكرت كم مرة في اليوم خلعت ثيابك لتستبدلها بغيرها ؟

وهل تذكرتِ ذلك أنتِ أيضا ؟

كم مرة لبسنا أحذيتنا ثم خلعناها ؟

وكم مرة نلبسها ونخلعها في اليوم والليلة ؟

ولكن هل دار في خواطرنا أو خطر ببال أحد مِنّـا أنه ربما لبس هذا الثوب فلم يخلعه بل خُلع عنه ؟

أو أنه لبس هذا الحذاء فكانت هذه هي اللبسة الأخيرة ؟

وهل تذكرنا جميعا فضل الله علينا ونعمته التي أنعم بها علينا قديما وحديثا صغاراً وكِباراً

يوم مكّننا من لبس ثيابنا وأحذيتنا دون مُساعِد ؟

حدّثني رجل وقع له حادث سير شنيع بقي حبيس سرير المستشفى ستة أشهر بلا حِراك

فقال : بعد ستة أشهر استطعت أن ألبس حذائي دون مساعدة من أحد

وبشّرت أول زائر بأنني تمكّنت من لبس حذائي بنفسي !

فقلت : يا رب عفوك

أليست هذه وحدها نعمة تستوجب الشكر ؟

يا رب عفوك لا تأخذ بزلّتنا = واغفر أيا رب ذنباً قد جنيناه

ونحن في اليوم والليلة نلبس أحذيتنا دون الحاجة إلى مُعين

ونحن نرتدي ثيابنا دون مُساعدة من أحد

لمن المِـنّـة في ذلك كلّه ؟

للمنعم المتفضّل

ومع هذا يُبارز بالعصيان

ويُقابَل بالجحود

إن كثرة المساس تُذهب الإحساس ، كما يُقال

فالشمس تطلع في صبيحة كل يوم ، وتغرب مساء كل يوم

فما الجديد في ذلك ؟!

لا جديد !

ولكن هذا الفُلك الدائر ، وهذا الكون العامر يسير وفق نظام رباني بديع دقيق

ولكن مع تعاقب الليل والنهار لا تتحرّك مشاعر الإنسان ولا يتفكّر في قدرة الواحد الديّان

ولكن في يوم من الأيام سوف يختلف هذا النظام بما يبهر الأنام

قال عليه الصلاة والسلام لأبي ذر حين غربت الشمس : تدري أين تذهب ؟

قلت : الله ورسوله أعلم .

قال : فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها

ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها ، وتستأذن فلا يؤذن لها 


يُقال لها : ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ،

فذلك قوله تعالى : ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) رواه البخاري .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها

فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون ،

فذلك حين ( لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ) رواه البخاري ومسلم .

وقال : ثلاث إذا خرجن ( لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا )

طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض . رواه مسلم .

اخلع ثوبك !

هكذا عندما يتغيّر ما اعتاده الناس

وعندما يختلف هذا النظام الذي ألِفوه

وهكذا في كل ما ألِفته نفوسنا وتعوّدت عليه لا يُحرّك فيها ساكنا ، ولا يُغيّر فيها شيئا .

ولقد كان سلف هذه الأمة يتذكّرون الآخرة وهول المطلع في كثير من المواقف في حياتهم

فإن مرّوا بنار تذكروا نار الآخرة

وأن جلسوا في ظلمة تذكّروا ظلمة القبر

وهكذا تتحرّك قلوبهم مع المشاهد اليومية التي قد تكون لدينا مشاهد مألوفة .

فهل نعتبر ونتذكّر ؟



كتبه :- عبد الرحمن بن عبد الله السحيم




ضع إعلان أدسنس هنا يوصى بـ 368×280

0 comments:

Post a Comment