a

رسالة فى : حكم الإحتفال بالمولد النبوي - للشيخ الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله

ضع إعلان أدسنس هنا يوصى بـ 368×280

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه ، أما بعد :

فقد تكرر السؤال من كثير عن حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم والقيام له في أثناء ذلك

وإلقاء السلام عليه ، وغير ذلك مما يفعل في الموالد ..


والجواب :

أن يقال
لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره

لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله

ولا خلفاؤه الراشدون ولا غيرهم من الصحابة ـ رضوان الله على الجميع ـ ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة

وهم أعلم الناس بالسنة وأكمل حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعة لشرعه ممن بعدهم .


وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " أي : مردود عليه

وقال في حديث آخر : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها

بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة " .


ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع والعمل بها ..

وقد قال الله سبحانه في كتابه المبين :

( ومآ ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) ( الحشر : 7 ) 


وقال عز وجل : 

( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) ( النور : 63 ) 

وقال سبحانه :

( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً )
( الأحزاب :21 )

وقال تعالى :

( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه

وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم)
( التوبة : 100 )

وقال تعالى :

( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً )
( المائدة : 3 )

والآيات في هذا المعنى كثيرة ..

ررسالة فى : حكم الاحتفال بالمولد النبوي - للشيخ الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله

وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه :


أن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه الأمة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به

حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به ، زاعمين : أن ذلك مما يقربهم إلى الله

وهذا بلا شك فيه خطر عظيم واعتراض على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم

والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين ، وأتم عليهم النعمة ، والرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين

ولم يترك طريقاً يوصل إلى الجنة ويباعد من النار إلا بينه للأمة .


كما ثبت في الحديث الصحيح ، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم " (مسلم)

ومعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء وخاتمهم وأكملهم بلاغاً ونصحاً

فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله سبحانه لبيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة

أو فعله في حياته أو فعله أصحابه رضي الله عنهم ،
فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه ليس من الإسلام في شيء 


بل هو من المحدثات التي حذر الرسول صلى الله عليه وسلم منها أمته كما تقدم ذكر ذلك في الحديثين السابقين .

وقد جاء في معناهما أحاديث أُُخر مثل قوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة :

" أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم

وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة "
(مسلم ) .. والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة .


وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذير منها ؛ عملاً بالأدلة المذكورة وغيرها .

وخالف بعض المتأخرين فأجازها إذا لم تشتمل على شيء من المنكرات كالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم

وكاختلاط النساء بالرجال واستعمال آلات الملاهي وغير ذلك مما ينكره الشرع المطهر وظنوا أنها من البدع الحسنة .

والقاعدة الشرعية : رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله ، وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .

كما قال الله عز وجل : ( يآأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء

فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ) ( سورة النساء : 59 )

وقال تعالى : ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) ( سورة الشورى : 10 ) .

وقد رددنا هذه المسألة ـ وهي الاحتفال بالموالد ـ إلى كتاب الله سبحانه

فوجدنا يأمرنا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ويحذرنا عما نهى عنه ويخبرنا بأن الله سبحانه

قد أكمل لهذه الأمة دينها ، وليس هذا الاحتفال مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون ليس من الدين

الذي أكمله الله لنا ، وأمرنا باتباع الرسول فيه 

وقد رددنا ذلك ـ أيضاً ـ إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم


فلم نجد فيها أنه فعله ولا أمر به ولا فعله أصحابه رضي الله عنهم ، فعلمنا بذلك أنه ليس من الدين

بل هو من البدع المحدثة ومن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم .

وبذلك يتضح لكل من له أدنى بصيرة ورغبة في الحق وإنصاف في طلبه أن الاحتفال بالموالد ليس من دين الإسلام 

بل هو من البدع المحدثات التي أمر الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم بتركها والحذر منها .

ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يفعله من الناس في سائر الأقطار ..
فإن الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين ، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية 
كما قال تعالى عن اليهود والنصارى :

( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) ( البقرة : 111 )

وقال تعالى : ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) ( الأنعام : 116 ) .

ثم إن غالب هذه الاحتفالات بالموالد مع كونها بدعة لا تخلو من اشتمالها على منكرات أخرى

كاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال الأغاني والمعازف وشرب المسكرات والمخدرات وغير ذلك من الشرور

وقد يقع فيها ما هو أعظم من ذلك وهو الشرك الأكبر وذلك بالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم

أو غيره من الأولياء ، ودعائه والاستغاثة به وطلبه المدد ، واعتقاد أنه يعلم الغيب ، ونحو ذلك من الأمور الكفرية

التي يتعاطاها الكثير من الناس حين احتفالهم بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره ممن يسمونهم بالأولياء .

وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :

" إياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين "

وقال صلى الله عليه وسلم :

" لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبده ، فقولوا : عبد الله ورسوله " ( البخارى )

ومن العجائب والغرائب :

أن الكثير من الناس ينشط ويجتهد ي حضور هذه الاحتفالات المبتدعة ويدافع عنها ويتخلف عما أوجب الله عليه

من حضور الجمع والجماعات ولا يرفع بذلك رأساً ولا يرى أنه أتي منكراً عظيماً ولا شك أن ذلك من ضعف الإيمان

وقلة البصيرة ، وكثرة ما ران على القلوب من صنوف الذنوب والمعاصي ، نسأل الله العافية لنا ولسائر المسلمين .

ومن ذلك أن بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد ولهذا يقومون له محيين ومرحبين

وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل ..

فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة ولا يتصل بأحد من الناس ولا يحضر اجتماعاتهم 

بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة ، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة 

كما قال الله تعالى  : ( ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ) ( سورة المؤمنون : 15 ـ 16)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة ، وأنا أول شافع ، وأول مُشَفَّعٍ "  

عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام ، فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث


كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة

وهذا أمر مجمع عليه بين علماء المسلمين ليس فيه نزاع بينهم ، فينبغي لكل مسلم التنبه لهذه الأمور

والحذر مما أحدثه الجهال وأشباههم من البدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سطان .

والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا به .

أما الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي من أفضل القربات ومن الأعمال الصالحات

كما قال تعالى :

( إن الله وملائكته يصلون على النبي يآ أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ) ( الأحزاب : 56 ) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً "

وهي مشروعة في جميع الأوقات ومتأكدة في آخر كل صلاة بل واجبة عند جمع من أهل العلم في التشهد الأخير

من كل صلاة وسنة مؤكدة في مواضع كثيرة منها بعد الأذان وعند ذكره عليه الصلاة والسلاموفي يوم الجمعة وليلتها

كما دلت على ذلك أحاديث كثيرة .

والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه

وأن يمن على الجميع بلزوم السنة والحذر من البدعة ، إنه جواد كريم .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه .

ضع إعلان أدسنس هنا يوصى بـ 368×280

0 comments:

Post a Comment